حقائب الذاكرة لـ شربل قطان

رواية مشوّقة، حبكتْها صُدف الحياة ونزوات القدر، بطلها شابّ يمثّل جيلاً مّمن دهمتهم الحرب في طفولتهم، فطبعت مصيرهم إلى الأبد.

مقتطفات من الرواية

  كان الاب نعمان يقول إما نعم و إما لا ، إما نهار و إما ليل ، فترة العصر بدعة أوجدها الليل لينال من حصة النهار . قال إن وجدت نفسك في فترة عصر ، فاعلم ان الليل مقبل لا محالة ، فعليك الرجوع ، و الا فالظلمة . التصقت كلمات الاب نعمان في ذاكرتي ليس لحكمتها ، بل لأني عرفت الظلمة التي يقصدها . هذا الرجل هو من القلة المارقة في وطني ، لأنه متدين و لكن غير طائفي ، مرشد من دون استبداد ، حقائب الذاكرة لـ شربل قطان سياسي بعيد عن السياسية ، و قد حافظ على اسلاميتي زمن الافراط بالدين . هو أول من التقيت من جنس العمالقة ، و أول من عرفت من أبناء النهار . فترة العصر هذه التي حذر منها ، الفترة الرمادية ما بين الأبيض و الأسود ، هي فترة الحاضر السائدة . إني أحيا بين تلال الرمادي ، و بيوت الرمادي ، و أناس الرمادي ، و ظلال هذا اللون تخفي كل ما حولي من ألوان . و كما تعد فترة العصر بالليل ، يعد الرمادي بالظلمة . و الظلمة لا ترى ، و لا تلمس و لا تحس ، لأن وجودها بخفائها ، و دليلها بمخلفاتها ، و خصائصها مماثلة لخصائص الثقب الأسود في عالم المجرات ، الذي يلتهم كل شيء حتى النور ، فتراه العين لأنها لا تراه ، و الذي لا يترك سبيلا الا للإرهاصات السلبية .
يقول البعض ان الانسان في صميمه مستكشف يحب كل ما هو مجهول و بعيد و منهم من يقول انه متسائل يريد ان يفهم كل ما حوله من طبيعة و وجود . أما أقول لا . إننا أكثر من ذلك بكثر ، نحن في صميمنا باحثون . و من جملة ما نبحث عنه أمكنة أو أجوبة ربما ، و لكن بحثنا يتخطى ذلك بكثير .
حكايتي هي حكاية كل إنسان ، إنها قصة بحث . بعضنا يفتش عن السعادة ، عن الحب ، عن الثروة ، عن المعنى ... و هناك شيء واحد أكيد : كل منا يبحث عن شيء ما . و الاكتمال في الحياة يأتي من معرفة هذا الشيء ، ثم من تحديد الغاية من إيجاده .
في حالتي عرفت بسهولة ، و مذ وعيت على الدنيا ، موضوع بحثي : إني أبحث عن شخص .
أما سبب بحثي عنه ... فالجواب ليس بالسهولة ذاتها و لا بالوضوح ذاته . لأن الأسباب تكثر و تتغير و تتلون كأوجه الشمس في أقسام النهار . أبحث عنه حتى أراه ... كي أقول له ... لأسأله ... لأستكشف معه أماكن و مجاهل ... أريد الثروة به ، أريد السعاة معه ، أريد المعنى منه . خمسة عشر عاما و أنا أبحث . خمسة عشر عاما ، قضيتها في أروقة المطار و مكاتبه . مشاعري تعيش دوما في ظل مسيرتي ، فأغمض عيني عن الحياة و عمن أحاط بي . كل هذه السنين و أنا أسأل عنه ، أتحرى عن سفراته ، ارسل باسمه الى ارشيفات مطارات العالم ، علني أكتشف ما حل به . و بالرغم من انقطاع أخباره منذ سنين عديدة ، ما زلت مصرا .

بيانات الرواية




الاسم :  حقائب الذاكرة
المؤلف : شربل قطان
الناشر : مؤسسة نوفل
عدد الصفحات : 264
الحجم : 3.15 ميجا


تحميل كتاب حقائب الذاكرة

 


تعليقات