عشب الليالي لـ باتريك موديانو

  إنها رواية تحوي الكثير من أحلام كاتبها.. أحلام تحوم حول: المحكوم عليهم، الرصاص الطائش، فندق مريب.. وهكذا تعود الذاكرة بالكاتب الفرنسي موديانو، في تلافيف العمل إلى عمق الماضي وتفاصيله، ليلعب دور المخبر المحقق الباحث عن الحقيقة، من خلال ذكريات "باريس 1960، الخطيرة.. المظلمة والمضطربة".

مقتطفات من الرواية

عشب اللياليومع ذلك فما كان يراودني لم يكن حلما أحيانا وأنا أذرع الشارع تباغتني هذه الكلمات كما لو أنها كلمات شخص آخر كلمات جوفاء باردة على مسرح الذاكرة تطفو وجوه وتفاصيل طوى الزمن كل من أعرفهم وما عاد هناك من أبادله أطراف الحديث لا بد أن يكون هناك شاهدان أو ثلاثة على قيد الحياة لكن يقينا لا أظن أنهم سيذكرون أي شيء وبالتالي ينتهي بنا المطاف للتساؤل اذا ما كان هنالك حقا أي شهود .
كلا ما كان يراودني لم يكن حلما والدليل على ذلك أنني لا زلت أحتفظ بمذكرة سوداء تمتلئ صفحاتها بالملاحظات لتبديد هذا الغموض أحتاج الى كلمات محددة وهكا أستعين بالقاموس ملاحظة : اشارة مقتضبة يدونها المرء لتذكر شيء ما على صفحات الدفتر تتوالى الأسماء وأرقام الهواتف وتواريخ المواعيد وكذلك بعض النصوص القصيرة التي قد تكون لها علاقة ما بالأدب .
لكن في أي لون يمكن تصنيفها ؟ مذكرات شخصية ؟ شذرات من الذاكرة ؟ ناهيك عن المئات من الاعلانات الصغيرة التي كنت قد نقلتها الى صفحات المذكرة والتي كانت قد صدرت في صحف .
كلاب ضالة شقق مؤقتة طلبات وعروض عمل عرافات ضمن هذه الأكداس من الخواطر ثمة ملاحظات تتميز بنبرة أكثر قوة من الأخريات خصوصا اذا لم يكن هناك ما يخدش جدار الصمت ما عاد الهاتف يرن منذ مدة كما أن لا أحد سيطرق الباب .
لا بد أنهم ظنوا أنني قضيت أنت وحيد تتوخى الحذر كما لو أنك تريد التقاط رموز جهاز مورس يبعث لك بها مراسل مجهول من مكان قصي بطبيعة الحال العديد من هذه الرموز مشوشة ويجدر بك أن ترهف السمع حتى لا تفقدها الى الأبد .
لكن بعض الأسماء تنفصل بوضوح في الصمت وعلى الصفحة البيضاء ....
داني , بول شاستانيي أغاموري دوويلز جيرار مارسيانو " جورج " فندق أونيك , شارع مونبارناس ...اذا لم تخذلني الذاكرة فقد كنت دوما أتوخى الحذر في هذا الحي , في اليوم السابق مررت هنا بمحض الصدفة , انتابني احساس غريب ليس السبب في ذلك مرور الزمن ولكن لأن أنا آخر , توأما لي كان هناك في هذه الضواحي دون أن تبدو عليه أمارات الشيخوخة وواصل العيش حتى التفاصيل الصغرى وحتى نهاية الزمن ما كنت قد عشته هنا لبرهة من الزمن .
ترى ما مصدر الشعور بالامتعاض الذي كان ينتابني في الماضي ؟
هل السبب في ذلك يعود الى هذه الشوارع القليلة التي تستظل بمحطة القطارات والمقبرة والتي تبدو فجأة عديمة القيمة ؟ تغير لون واجهاتها وصارت تتشح بلون أكثر اشراقا .
لا شيء يستحق الذكر منطقة تقع على مساحة الحياد هل ممكن حقا أن الآخر الذي تركته هناك كان يعيد حركاتي القديمة , حركة حركة وأنه يواصل السير في طرقاتي القديمة الى الأبد ؟ كلا لم يتبق أي شيء منا هنا لقد طوى الزمن كل شيء .
كان الحي جديدا مطهرا كما لو تمت اعادة بنائه في موقع جزيرة صغيرة تنضح بالمرض واذا كانت أغلب المباني متشابهة فانها تولد لديك الاحساس بأنك في حضرة كلب محشو بالقش كلب كان ذات دهر يملأ المكان غبطة وهو يقفز حياة .


بيانات الرواية




الاسم: عشب الليالي
المؤلف: باتريك موديانو
الناشر: منشورات ضفاف
عدد الصفحات: 138
الحجم: 2 ميغا بايت

تحميل رواية عشب الليالي




تعليقات