ميكروميغاس و ثلاث قصص لـ فولتير

  في فاصل ممتع من الخيال، قد تجد نفسك في مواجهة فتى عملاق بطول ١٢٠ ألف قدم، قادم إليك من نجم الشِّعرى بعد أن نُفي لكثرة شغبه. سيستكشف أمرك برفقة قزمٍ زُحليٍ بطول ستة آلاف قدم فحسب، قابله في الرحلة التي اضطر خلالها للتوقف في هذه الكرة؛ الأرض، فقط من أجل المبيت. وبرغم ضآلة حجمك؛ ستجلس وسط ثُلة من فلاسفة كوكبك كي تشرح رؤيتك للحياة، وسيحمله الكبر الذي يملؤك على الانفجار في الضحك. ثم ستقابل «ممنون»، الحكيم الذي أدى سعيه للكمال إلى فقدانه ماله وعينه، قبل أن تقف على ناصية قبر «صادق» مندهشًا من رغبة زوجته في قطع أنفه! وستوافق رغبة «سزوستريس» في أن يهب قلبه لآلهة الحب بدلًا عن آلهة الشهوة. وحده «فولتير» يقدر بسلاسته أن يأخذك في رحلة كهذه.

مقتطفات من الرواية

( 1 ) رحلة أحد سكان عالم الشعري الى كوكب زحل

ميكروميغاس و ثلاث قصصفي أحد الكواكب السيارة التي تدور حول النجمة المطلق عليها اسم الشعري اليمانية ، كان فتى متوقد الذهن تشرفت بالتعرف اليه في الرحلة الأخيرة التي قام بها في هذا العالم الصغير ، و يدعى هذا الفتى ميكروميغاس ، و هو اسم يوافق كل كبير ، يبلغ طول ميكروميغاس ثمانية فراسخ ، و أعني بثمانية فراسخ أربعة و عشرين ألف خطوة هندسية ، كل منها خمس أقدام .
سيسرع بعض العارفين بالجبر ، و هم دائما من محبي الفائدة ، الى تناول القلم ، فيتبين لهم أنه اذا كان السيد ميكروميغاس القاطن بلد الشعري اليمانية يبلغ من قمة رأسه الى باطن قدميه أربعة و عشرين ألف خطوة ، يساوي مجموعها مائة و عشرين ألف قدم ، و كنا نحن مواطني الأرض لا يتجاوز طول الواحد منا خمس أقدام ، و كان قطر الكرة الأرضية تسعة آلاف فرسخ ؛ فيجب – حتما – أن تبلغ دائرة الكرة التي أنبتت ميكروميغاس واحدا و عشرين مليونا و ستمائة ألف مرة أكثر من محيط أرضنا الصغيرة ، و ليس في الطبيعة أبسط من هذا ، و لا أكثر من شيوعا ؛ فولايات بعض ملوك ألمانيا و إيطاليا ، هذه الولايات التي يمكن لفها بمدة نصف ساعة ، اذا قيست بدولة تركيا او المسكب او الصين ، لا تأتي بسوى صورة ضئيلة عن الفروق الهائلة التي وضعتها الطبيعة في جميع الخلائق .
و لن يشقى جميع من عندنا من النحاتين و المصورين في الموافقة على أنه اذا كان طول فخامته كما ذكرت ، فمن المعقول الا يقل زناره عن خمسين ألف قدم .
أما عقله فمن أخصب ما يتوفر لإنسان ؛ فهو يعي أشياء لا تعد و لا تحصى ، و قد اخترع بعضا من هذه الأشياء ؛ اذ حرز – بقوة ذكائه – أكثر من خمسين مسألة من مسائل إقليدس ، و هو بعد طالب في أشهر معاهد الشعرى ، غير متجاوز مائتين و خمسين سنة من عمره ، و لما بلغ الرابعة بعد الخمسين سنة ؛ أي لما اجتاز عتبة الحداثة ، شرح كثيرا من تلك الحشرات الصغيرة ، التي لا يبلغ قطرها مائة قدم ، و لا ترى بالميكروسكابات العادية ، و ألف عنها كتابا – على جانب كبير من الغرابة – أورثه بعض مشاحنات ؛ فقد وجد فيه شيخ بلده ، و هو عجوز طاعن في السن و بالغ من الجهل أبعد حدوده ، قضايا تدعو الى الشبهة ، و تسيء الى الآداب العامة ، و تفوح منها رائحة الكفر و الإلحاد ؛ فأمر بملاحقته . و كان مدار البحث في الكتاب براغيث الشعرى اليمانية ، و هل تتفق طبيعتها و طبيعة الحلزون ؛ فدافع ميكروميغاس عن نفسه بظرف و ذكاء ، آخذا النساء من جهته ، و بقيت الدعوى مائتين و عشرين سنة ، و اسفرت عن فوز الشيخ بمساعدة بعض الفقهاء الذين لم يقرءوا الكتاب ؛ فحكم على المؤلف و على صاحبه بالنفي ثمانية قرون من البلاط الملكي .


بيانات الرواية




الاسم : ميكروميغاس و ثلاث قصص
المؤلف : فولتير
الناشر : مؤسسة هنداوي
عدد الصفحات : 35
الحجم : 10.5 ميجا


تحميل رواية ميكروميغاس و ثلاث قصص
 


تعليقات