أرضنا وأرض صالح لـ أحمد الشيخ


ولان المجتمع الريفى اغلبية ولان المعالجات الفنية فى الرواية قدمت اعمالا جديدة بالتقدير من جيل الروادوكان لزاما لجيل الستينات الذى ينتمى له مواصلة مشوار الاضافة بقدر الامكان وقد كلف الكاتب نفسه ليقدم مشروعه الخاص لرواية القرية المصرية وجاهد ان يضيف على المستوى الكمى والكيفى ليقدم عالم الريف كما عايشه وتفعاعل معه من خلال رواية وجهات النظر وهنا حكايات رواها سيد عوف تبدأ باستعادة لحظة ميلاده بقاعة معتمة فى الكفرويتباعد غصبا فى سنوات الصبا عن الارض والاهل وحضن الام لكن حياته فى المدن المزحومة لا تنسيه جذوره واهم ما سعى له الراوى هو المصداقية فى طرح الهم الانسانى والحكم المشروع فى الحياة .
مقتطفات من الرواية

أرضنا وأرض صالحوكانت غفوات الصحو والتأمل الغويط تقودني الى سراديب الرؤى الغامضة أسأل نفسي ان كانت لحظات الخروج من بطنها على هذا النحو فعلا أو أنها محض رسوم اقتحمت الذاكرة على مهل ؟ لعلها لم تكن منبتة الصلة بما جرى بالفعل ولعلها تكونت في اللاوعي مسنودة على خبرات قديمة قدم الحياة نفسها .
لكنني في كل الحالات كنت أراني منفلتا على غير ما كانوا يتوقعون وبحسب ما كانت تحكي لي ولكل الحاضرين من الأهل والأقارب بعد أن كبرت وصرت بحسابات الكبار رجلا تحكى مزهوة بنفسها أنها أفلتتني بكل اليسر رغم أنني أنولدت قبل الموعد المحسوب بأكثر من شهرين كنت أشاركها الحديث الجالب للضحكات أحيانا لكل من يسمعه قائلا انني استشعرت خروجي من داخلها مندفعا الى أرضية القاعة الجوانية الرطبة وكيف اختلط السائل اللزج ودم " خلاصى " بالرماد الناعم قبل نزول " الخلاص " نفسه , أقول انني تشممت رائحة الرماد واستشعرته ساكنا فوق مقدمة الرأس وأجزاء من البدن العريان فيضحكون أسرح بخيالي قائلا لهم بينما أتأمل ملامحها أو أبوح لها بيني وبينها : انه من المحتمل جدا أن أكون قد أحسست بأصابع " أم يوسف " وهي تلتقطني وتربط حبلي السري من فوق بطني بخيط متين قبل أن تفصله عن " الخلاص " ثم ترفعني مقلوبا وتربت على ظهري بخبرة السنوات الطويلة في التوليد والارضاع أقول واثقا ومسنودا الى امكانية تصديقي : انه حدث أنني بكيت لأول مرة بينما أتنفس في ذلك الركن هواء تلك القاعة الذي مازلت أميزه فهل كان هواء تلك القاعة المهجورة مميزا بالفعل في تلك اللحظات ؟ أزعم أنه كان كذلك وما يزال لكنني كنت أشعر أنني سوف أبالغ في وجود الآخرين لو أكدت قدرتي على تمييز رائحة ذلك الهواء الذي كنت قد تشممته في أول تجربة شم فعلي عبر تلك اللحظات وسوف أصادر على نفسي لو قلت انني لم أستشعره أو أتشممه بشكل لائق كنت أستند الى احتمالات احساسي بحدوث ما حدث لأنني كنت قد قرأت وأنا في سن الادراك ومحاولة الفهم أن الجنين في بطن أمه يحس بمثل ما يتغذى ويتحرك ويفرز الفضلات أحيانا كنت أقول لنفسي انها محض تخيلات ترسبت في الوعي من اللاوعي بعد أن قرأت تفاصيلها مئات المرات لكنها على كل الحالات بحساباتي وحسابات الوقائع التالية أول سقطة تحدث لي وان بدت زيارة غير مألوفة أو متوقعة من كل الناس في ذلك الزمن القديم لأنني جئت قبل موعدي بشكل مؤكد بحسب كلامها ولم أكمل حتى شهري السابع في بطنها وكثيرا ما كانت تحدثني وهي تشير باصبع سبابتها القصير مفرودا وحده من كفها الصغير الى تلك البقعة أو مكان السقطة على وجه التحديد في دار المرحوم والدها الذي لم اره أبدا بينما تبتسم :
هنا كان مسقط رأسك يا سيد أتأمل المكان الذي صار مألوفا لي وتربطني به على نحو غامض مشاعر حنو متبادل , ان كانت الأرض الرطبة المهجورة تعرف الحنو كما نعرفه أسأل نفسي ان كانت تلك البقعة من الأرض على وجه التحديد هي التي استدعتني رجلا في الخفاء فأتيت كي أتأملها وأتأكد من جذوري ؟ أتساءل بيني وبين نفسي ان كانت أمي هي التي لفظتني قبل موعد خروجي المألوف لتخلص مني أو أنني تعجلت الخروج .

بيانات الرواية




الاسم: أرضنا وأرض صالح
المؤلف: أحمد الشيخ
الناشر: دار الهلال للنشر
عدد الصفحات: 220
الحجم: 13 ميغا بايت


تحميل رواية أرضنا وأرض صالح

 



تعليقات