التشظي لـ منى حلمي

رواية عميقة تدخل في تفاصيل المجتمع السعودي وتكشف أسباب التحولات الاجتماعية التي أدت إلى تغير وجه المجتمع .. ت
الرواية مكتوبة بأسلوب سلس فني وجميل ..

مقتطفات من الرواية


التشظيمهما بدا حجم امتناني عظيما فلن تستطيع كلماتي أن تظهر فضل أمي علي بعد أن امتد ذلك الفضل الى ما أكتب .. اذ استعنت بها كثيرا لكي أتيقن مما جرى لأناس سجلت هنا تاريخهم القريب أناس عرفتهم وعشت واقعهم عندما كنت صغيرة ولا زالت صورهم وأحاديث بعضهم في ذاكرتي واذا كنت قد تعمدت تغيير أسمائهم واختلقت أسماء القرى التي سكنوها فقد ظل تاريخ الرواية وأحداثها وظروفها مشابهة لما جرى في الواقع ان لم تطابقه

هلع ينهش قلب طفلة
غيوم تناثرت في السماء أشجار هنا وهناك وصوت ضجيج يثير محرك سيارة الجيب على دروب ترابية ممهدة فوق جبال شاهقات , تلك الدروب الطويلة التي تربط وطن " آل وادح " بمدينة أبها ليست سوى طرقات متعرجة لم يكتمل تزفيتها بعد تتلوى بانحناءات مخيفة في عرض الجبال أمام ناظري الطفلة " آمنة " في رحلة طويلة للتو بدأتها دون ارادة منها .
طفلة ترتجف مع رجل صامت متهجم لا تدري من هو على طريق يبتعد بها شيئا فشيئا عن أهلها وقريتها التي لا تعرف سواها , أما وطن آل وادح فهو مجرد قرية في أقصى الجنوب اذا تحدث عنها سكانها قالوا " ام وطن " ككل القى المتناثرة حول مدينة أبها حين كانت المفردات غير المفردات والحياة غير الحياة وحتى أحلام الناس وأمانيهم ومشكلاتهم وأفراحهم وأحزانهم وكل ما يعيشونه كان مختلفا في ذلك الزمن , زمن كانوا فيه يحبون حياتهم وأرضهم الى الحد الذي يجعلهم لا يرون الأشياء بعيونهم بل بقلوبهم فلا تكون الغيمة غيمة وحسب اذا نظروا اليها .. وليس البئر بئرا ولا الوادي واديا حتى الأمطار والأحجار وكل الأشياء حولهم ليست مجرد أشياء كلها لفرط ابتهاجهم تكاد أن تدب فيها الحياة " .
أولئك هم سكان " وطن صغير " اذا خرجوا من بيوتهم كل صباح فسيمشون بين الغيوم لأن قريتهم تلك تتربع على قمم تطل من جهتها الغربية على السفوح التهامية الشديدة الانحدار والموازية للبحر الأحمر قرية يغلفها ضباب خفيف صيفا وتكاد تنعدم فيها الرؤية شتاء .
في تلك القرية يتعلمون الحب أولا ويودون لو استطاعوا مكافأة الأزهار على ما تنشره من عبير وطيور " اللقا " على ما تشدو به من ألحان تكاد شفاههم أن تقبل السنابل قبل أن يهموا بحصادها اذ يؤمنون بأن الحب النضاح من قلوبهم ليطوق كل شيء هو ما يميز الانسان عن الحجر .
تغيرت القرية ككل القرى التي حولها وكان تغيرها تقهقرا لم تعد كما تركتها آمنة ولا أحد ممن كرهوا ذلك التغيير يجرؤ على كشط الذاكرة لكي يستعيد الناس بعضا من مزاياهم ... انسانيتهم عذوبتهم لم يعد لدى أيهم القدرة على جر بعض خيوط الذكريات ليحكي شيئا عن تاريخ قريب حينما كان كل الناس ناسا وقيمة الانسان سواء كان أنثى أو ذكر تحضر في الأذهان من خلال عمله وطيبته وانسانيته وليس من خلال جنسه أما الآن وبعد أن جرى تغييرهم عنوة أصبح الناس مقسومين الى نصفين : نصف لهم الدنيا والآخرة لأنهم رجال ونصف آخر ليس له شيء في الدنيا وتمتلئ بهم النار في الآخرة لأنهم مجرد " حريم " .

بيانات الرواية




> الاسم: التشظي
المؤلف: منى حلمي
الناشر: دار سعاد الصباح
عدد الصفحات: 146
الحجم: 2 ميغا بايت
تحميل رواية التشظي

 





تعليقات