في كل مرة تقصد فيها باب البسطاء طلبًا للحكايات، ستُمنح عيْنًا صادقةً لترى؛ ففي خبايا الشخوص العاديَّة يكمن السحر، وعلى عتبات دُورِهم تنفرط الحقائق وتتكشَّف. من كان ليَتَكَهَّن كيف ستنجو «عالية» حين عرف أبوها بأمر زواجها في السر؟ وكيف كنا سنسمع عن «كلتوم» بائعة العَرَقى التي لا تؤكل أولادها الحرام؟ من كان ليفكر فيما بذله «الزين طه» بحثًا عن عقوبة أقل من الموت ﻟ «إسكات الخصم أو تحييده للأبد»!
بدأت أفكر في الموضوع بصورة قاسية بعد ان تحرك الباص مباشرة متجها نحو الخرطوم ، الأفكار المظلمة تنتابني بين لحظة و أخرى لدرجة انني تمنيت أن أجدها قد توفيت و لو في حادث سير . كنت لا أعرف كيف تلتقي أعيننا بعد ان حدث منها ما حدث ، هل سينتابني ذلك الشعور الحلو الذي دائما ما يسيطر علي و أنا اراها و هي تكبر يوما بيوم و تزداد عقلا و خبرة في الحياة و جمالا ، و يتجلى وجهها الأسود الحلو الناعم براءة ؟ كنت حينها أحس كما لو أن كل خلية في جسدي تتجدد و أنني أكثر طمأنينة و أقرب للحياة مني الى الموت ، بالرغم من تقدم العمر و أمراضه الكثيرة ، و أكثر ما يعذبني فكرة انها خانتني ، خانتني انا بالذات ، و لكني أيضا أفكر في الامر من جانب آخر ، من جانبي أنا ؛ لأنني ما كنت أنظر لعلوية كامرأة ابدا ، يبدو أنني أضعها في مكانة رجل ما فوق الأربعين كامل النضج و مستقيم السلوك ، أما ان تذهب علوية مع رجل غريب الى خلوة و ان يغويها او يلمسها مجرد لمس ، بكامل رضاها و دون ان تحس و لو بعقدة الذنب او خيانة الثقة التي اعطيتها إياها ... و أن ... لا ... أمر لا أصدقه !
كيف يتسنى لعلوية أبنتي أنا ، التي أنشأتها منشأ سليم و ربيتها من مال حلال اكتسبته بعرق جبيني و أودعت من أجلها مالا في البنك تسحب منه مصروفا كما شاءت ، أن تتزوج زواجا عرفيا ، أكون أنا آخر من يعلم ، كل القرية تعرف ذلك ، جميعهم ، جميعهم إلا انا ! لماذا تجعلني صغيرا تافها أمام الناس و أنا ما يملأ عيني تراب الدنيا كلها ؟ كيف تنظر إلي ؟ ماذا تقول ؟ هل تنكر ذلك ؟ أتبكي ؟ ربما .
هي نفسها ضحية لذئب لا يرحم ، لقد قرأت كثيرا في الجرائد عن زواج الطالبات العرفي ، و لكني أحلته الى أسباب مادية ، إطلاقا لم أفكر لحظة في علوية ، أن تكون علوية واحدة من هؤلاء البنات المطلوقات – كما كنت أسميهن ، و ما زلت – البنات اللائي عجزت اسهرن عن توفير مصروفهن او تربيتهن تربية كريمة تكسبهن العفة أو ربطهن في البيوت .
لم أستشر أحدا في كيف اتصرف ، لقد سنوات خبرتي الطويلة في العمل المدني و العسكري و تجاربي الحياتية و مخزوني المعرفي موضع التحدي ، فإذا لم أتمكن من عبور هذه المحنة وحدي بكل هذه المكتسبات فلا فائدة من الحياة التي عشتها .
هذا التشجيع للنفس لم يمنع الضعف و الانكسار الذي احس به الآن و الخوف ، نعم الخوف الحقيقي من أنني أقوم بفعل قد يحسب ضدي ؛ بل قد يسيء إلي و إلي أسرتي و آخرين غيري ، في الحقيقة كنت مرتبكا عكس ما أبدو عليه في الظاهر ، بحثت في جيوبي وجدت أنني أخذت ربطة من المال عشوائيا تحتوي على خمسمائة ألف جنيه سوداني ، حسبتها مرتين ، انقطعت دائرة البلاستيك التي تحيك بها ، أدخلت المبلغ كله في الشنطة محتفظا برباط البلاستيك المقطوع .
الاسم : أمرة من كمبو كديس
المؤلف : عبد العزيز بركة ساكن
الناشر : مؤسسة هنداوي
عدد الصفحات : 82
الحجم : 2.3 ميجا
تحميل رواية امرأة من كمبو كديس
رابط تحميل فورشيرد
قراءة اونلاين
التواصل والإعلان على مواقعنا
أشترك فى قائمتنا البريدية ليصلك جديد الكتب
تابعنا على الفيسبوك
تابعنا على تويتر
زور موقعنا الجديد – معرفة بلس
زور موقعنا الجديد – عالم الكتب
زور موقعنا – مكتبة دوت كوم
زور موقع ثقف نفسك - حيث الثقافة والمعرفة
مقتطفات من الرواية

كيف يتسنى لعلوية أبنتي أنا ، التي أنشأتها منشأ سليم و ربيتها من مال حلال اكتسبته بعرق جبيني و أودعت من أجلها مالا في البنك تسحب منه مصروفا كما شاءت ، أن تتزوج زواجا عرفيا ، أكون أنا آخر من يعلم ، كل القرية تعرف ذلك ، جميعهم ، جميعهم إلا انا ! لماذا تجعلني صغيرا تافها أمام الناس و أنا ما يملأ عيني تراب الدنيا كلها ؟ كيف تنظر إلي ؟ ماذا تقول ؟ هل تنكر ذلك ؟ أتبكي ؟ ربما .
هي نفسها ضحية لذئب لا يرحم ، لقد قرأت كثيرا في الجرائد عن زواج الطالبات العرفي ، و لكني أحلته الى أسباب مادية ، إطلاقا لم أفكر لحظة في علوية ، أن تكون علوية واحدة من هؤلاء البنات المطلوقات – كما كنت أسميهن ، و ما زلت – البنات اللائي عجزت اسهرن عن توفير مصروفهن او تربيتهن تربية كريمة تكسبهن العفة أو ربطهن في البيوت .
لم أستشر أحدا في كيف اتصرف ، لقد سنوات خبرتي الطويلة في العمل المدني و العسكري و تجاربي الحياتية و مخزوني المعرفي موضع التحدي ، فإذا لم أتمكن من عبور هذه المحنة وحدي بكل هذه المكتسبات فلا فائدة من الحياة التي عشتها .
هذا التشجيع للنفس لم يمنع الضعف و الانكسار الذي احس به الآن و الخوف ، نعم الخوف الحقيقي من أنني أقوم بفعل قد يحسب ضدي ؛ بل قد يسيء إلي و إلي أسرتي و آخرين غيري ، في الحقيقة كنت مرتبكا عكس ما أبدو عليه في الظاهر ، بحثت في جيوبي وجدت أنني أخذت ربطة من المال عشوائيا تحتوي على خمسمائة ألف جنيه سوداني ، حسبتها مرتين ، انقطعت دائرة البلاستيك التي تحيك بها ، أدخلت المبلغ كله في الشنطة محتفظا برباط البلاستيك المقطوع .
بيانات الرواية
الاسم : أمرة من كمبو كديس
المؤلف : عبد العزيز بركة ساكن
الناشر : مؤسسة هنداوي
عدد الصفحات : 82
الحجم : 2.3 ميجا
تحميل رواية امرأة من كمبو كديس
روابط تحميل رواية أمرة من كمبو كديس
أشترى كتبك الورقية بخصومات كبيرة وتوصيل لباب بيتك
رابط تحميل مباشر - جوجل درايفرابط تحميل فورشيرد
قراءة اونلاين
التواصل والإعلان على مواقعنا
أشترك فى قائمتنا البريدية ليصلك جديد الكتب
تابعنا على الفيسبوك
تابعنا على تويتر
زور موقعنا الجديد – معرفة بلس
زور موقعنا الجديد – عالم الكتب
زور موقعنا – مكتبة دوت كوم
زور موقع ثقف نفسك - حيث الثقافة والمعرفة
تعليقات
إرسال تعليق